يعتبر مفهومي الإحساس والإدراك في علم النفس من أهم المفاهيم التي يبحث عنها الطلاب لمعرفة الفرق بينهم؛ ولأن كلا العمليتين يرتبطان ببعضهم البعض فأنت بحاجة إلى قراءة معلومات وافية حول هذا الموضوع تابع معنا؛ لتتعرف على مفهوم الإحساس والإدراك، والنظريات التي تُفسر عملية الإدراك، والمزيد من التفاصيل الهامة.
مقدمة عن الإحساس والإدراك
يتميز الإنسان بأنه كائن حيوي يقوم بعدد من الوظائف التي يستطيع من خلالها الحفاظ على بقائه، والتي تساعد بدورها في التكييف والاستمرار مع محيطه، ومن أمثلة تلك القدرات الإدراك والإحساس، والتي تعد أحد العمليات الفسيولوجية البسيطة الناتجة عن تأثير حواس الإنسان من قبل المنبهات الخارجية؛ من أجل التكييف مع العالم الخارجي، ويعد الإدراك هو أحد العمليات العقلية المعقدة، والتي يتم من خلالها ترجمة المؤثرات الحسية التي يتم نقلها من قبل الحواس إلى المراكز العصبية؛ والذي من خلالها يستطيع الإنسان التعرف على ما يحيط به.
اقرأ أيضًا: تخليص المدرسة الإنسانية في علم النفس
علاقة الإحساس والإدراك في علم النفس
ربما تتسأل هل الإحساس يسبق الإدراك دائما؟ ولتفسير ذلك؛ يُعد الإدراك والإحساس هم عملتين مرتبطين ببعضهم البعض؛ حيث لا يمكن ذكر عملية الإدراك دون الإحساس، إلا أنهم عملتين مختلفتين، فالإحساس هو العميلة المسئولة عن استقبال المثيرات الحسية من العالم الخارجي والتي يقوم بتحويلها إلى النظام العصبي من خلال نبضات كهروعصبية.
وخلال عرض تفسيرنا لمفهوم الإحساس والإدراك في علم النفس نوضح لك بأن الإدراك هو تفسير هذه النبضات، وإعطاءها معني؛ حيث يعتبر الإدراك هو عملية نفسية ترتبط بالإحساس والتفكير والتذكر، فالانطباعات الحسية تعتمد على الخبرات المخزنة في الذاكرة، فحين نقول أن هذه قطعة ملابس بيضاء (بلوزة).
فهذا التعريف يتعلق بالخبرات السابقة للون والشكل لدينا؛ وبذلك يمكننا القول أن الإحساس هو الوعي بالأشياء من خلال المثيرات الخارجية، بينما الإدراك هو التفسير المنطقي لهذه المثيرات بناءً على الخبرات السابقة.
وعلى الرغم من ارتباط الإدراك بالإحساس إلا أنه في بعض الحالات إدراكنا لبعض الأشياء لا يرتبط بالإحساس بها، فنحن ندرك أصوات بعض الحشرات، والأسماك، والطيور دون أن تستقبلها حواسنا، إلا أنه يمكننا إدراكها وتشكيل صورة ذهنية لها؛ وبذلك تتضح لك العلاقة بين الإحساس والإدراك في علم النفس.
حيث يدرك الجهاز العصبي العديد من المنبهات دون أن يكون لها وجود مادي يمكن الإحساس به، فعملية الإحساس تعني تشكيل انطباع حسي أو تصور للأشياء، بينما الإدراك هو إعطاء تفسير لهذا الانطباع أو التصور.
نظريات الادراك
من الأمور التي تساعد الباحث في التعرف بصورة تفصيلية عن الإحساس والإدراك في علم النفس هي معرفة النظريات المُفسرة لعملية الإدراك وهي كالتالي:
النظرية البيئية في علم النفس
يتبنى أصحاب هذه النظرية أن الإدراك هو عملية لا شعورية في المقام الأول لخصائص المثيرات في العالم الخارجي، والتي يتم إدراكها من خلال الطاقة المنبعثة عنها، فالآثار الحسية التي تحدثها الطاقة الآتية من الأشياء تكفي من أجل التعرف عليها، دون الحاجة لتدخل النظام الإدراكي لفهمها وإدراكها، فالضوء المنعكس على الأشياء الخارجية يجعلنا ندرك ما بها من خصائص ومعلومات دون الحاجة إلى إجراء عملية التحليل الداخلي لهذه الإثارة.
فوفقًا لهذه النظرية فأن العملية الإدراكية تعتمد على التقاط خصائص الأشياء والمثيرات الخارجية؛ من خلال المجسمات الحسية دون حدوث أي تغييرات أو معالجات، كما تؤكد هذه النظرية على أنه في حالة حصول أي أخطاء في عملية الإدراك؛ فإنها تعود في المقام الأول إلى مجموعة من العوامل التي تنقسم إلى خصائص الأشياء وخصائص الفرد نفسه.
حيث قد تكون المعلومات عن هذه الأشياء غير كافية لإدراكها، وقد تكون بسبب عوامل شخصية تتمثل في التوتر والتعب، كما وضع العالم جبسون اسمًا لمجموعة المظاهر التي تميز الأشياء الخارجية (Affordances)، والتي تشكل المعاني المناسبة للأشياء، ويرى أن النظام الإدراكي يحدد الانتباه إلى هذه الخصائص اعتمادًا على الاستخدامات التي من أجلها وضع المثير أو المنبة.
النظرية البنائية في علم النفس
من أهم النظريات التي توضح الفرق بين الإحساس والإدراك في علم النفس؛ حيث يعد العالم الألماني هلمهولتز (Hwlmholtz) هو أحد رواد هذه النظرية؛ حيث ينظر أصحاب هذه النظرية إلى الطبيعة الإدراك البنائية؛ حيث تتبني أن الإدراك عملية تخمينية للمثيرات وليس عملية مباشرة لفهم الخصائص المرتبطة بالمثيرات؛ من خلال الطاقة المنبعثة منها، وتوضح هذه النظرية الطبيعية التي يتم إدراك بها الأشياء.
حيث ترى هذه النظرية أن النظام الإدراكي يعمل على تعديل الانطباعات الحسية من خلال تقديرها وتفسيرها بشكل جيد، فالانطباع الحسي يتعرض للمعالجة الداخلية والتي تتم من خلال الاعتماد على مصادر متنوعة من المعلومات، والتي تختلف عن تلك التي يتم رصدها عن طريق المجسمات الحسية، ويتم تزويد هذه المعلومات عن طريق النظام الإدراكي الذي يستخدم العمليات المعرفية والخبرات السابقة، والتي سبق وتم تخزينها في الذاكرة في عملية المعالجة.
فالعملية الإدراكية تعتمد على عدد كبير من المعلومات والتي يتضمن بعضها الإحساس، والبعض الأخر يتضمن المعلومات والخبرات السابقة، والتي يتم تكوينها من الأنشطة السابقة لعمليات الإدراك؛ لذا فالعالم الخارجي لا يعد هو المصدر الواحد للمعلومات المناسبة التي تمكننا من الإدراك بشكل مباشر؛ لذلك ينبغي توافر آليات معرفية أخرى تشتمل على عدد من المعلومات للمنبهات الخارجية؛ لتسهل عملية الفهم والإدراك والتي تتمثل في المعلومات الحسية مما يكون لدينا إدراك جديد.
تعرف على: نظرية النمو النفسي الاجتماعي
خصائص الإدراك
من الأمور الهامة التي تحتاج إلى معرفتها حول الإحساس والإدراك في علم النفس هي الخصائص التي تُميز عملية الإدراك وهي كالتالي:
عملية معرفية
يعتمد الإدراك على المعرفة والخبرات السابقة؛ حيث يشكلان الإطار الذى يرجع إليه الفرد في إدراكه وتمييزه للأشياء التي يتفاعل معها وبدونها يصعب إدراك الاشياء وتمييزها.
عملية استدلالية
حيث يعد الإدراك عملية استدلالية، فأحيانًا تكون المعلومات الحسية المرتبطة بالأشياء غير واضحة بشكل كبير؛ لذا يقوم النظام الإدراكي بالاعتماد على المعلومات المتوفرة من أجل تكوين عدد من الاستدلالات والاستنتاجات.
عملية تصنيفية
كما يعد الإدراك عملية تصنيفية وهذا ما يوضح الفرق بين الإحساس والإدراك في علم النفس بصورة تفصيلية، فالأفراد عادة ما تجمع الإحساسات المتنوعة، والتي تمتلك خصائص مشتركة في فئة واحدة مما يجعل عملية إدراكها سهلة بالنسبة للفرد، فالشخص الذي لم ير طائر النورس من قبل يستطيع أن يدرك أنه نوع من أنواع الطيور؛ وذلك لما لديه من خصائص مشتركة بينه وبين الطيور.
وهذه الخاصية تساعدنا على إدراك العديد من الأشياء وتميز العديد من الأشياء الغير المألوفة؛ وذلك من خلال النظام الإدراكي الذي يعمل على الاعتماد على المعلومات المتوفرة لدينا؛ من أجل التعرف على خصائص الأشياء مما يسهل تصنيفها وإدراكها.
عملية ارتباطية
كما ينظر للإدراك كعملية ارتباطية؛ وذلك لأن توافر خصائص مشتركة في الأشياء لا يكون كافي من أجل إدراكها والتعرف عليها؛ وذلك لأن إدراك بعض الأشياء يتطلب تحديد طبيعة العلاقات بين هذه الخصائص؛ لكي يسهل إدراكها والتعرف عليها.
ويتميز نظامنا المعرفي بالقدرة على تركيز الانتباه، وتوجيه للمعلومات الهامة؛ للمساعدة في معالجة موقف ما، أو التركيز على بعض خصائص هذا الموقف؛ لذا فإن الإدراك عملية تكيفية تساعد على سرعة التكيف خاصة مع المواقف التي قد تعرض الشخص للخطر.
عملية أوتوماتيكية
يعد الإدراك عملية أوتوماتيكية لا يمكن ملاحظتها أثناء حدوثها، إلا أنه يمكن التعرف على نتائجها بشكل مباشر أو غير مباشر.
احصل على: نظرية التعلم الاجتماعي
أبعاد عملية الإدراك
يُمكن التفرقة بين الإحساس والإدراك في علم النفس بأن الإدراك عملية نفسية معقدة تتألف من ثلاثة أبعاد مترابطة وهي:
العمليات الحسية
تتمثل في استقبال الطاقة المنبعثة للمثيرات الخارجية من خلال الخلايا الحسية، فكلما كانت الطاقة الصادرة من المثيرات قوية، يستطيع عضو الحس المستقبل أن يترجمها، ولكن في حالة كانت هذه الطاقة أقل من مستوى عتبة الإحساس يصعب التعرف عليها؛ وبالتالي لا يحدث استثارة لعضو الحس والمستقبل، وغالبًا ما تتشارك أكثر من حاسة في استقبال الخصائص المتنوعة للمثيرات الخارجية، فعلى سبيل المثال نحن نسمع، ونرى، ونتذوق، ونشم في وقتًا واحد؛ وذلك من خلال النظام الإدراكي الذي يعمل على تجميع هذه الحواس وترميزها؛ من أجل تسهيل عميلة إدراك المثيرات.
العمليات الرمزية
وتتمثل في الصور الذهنية والمعاني التي تتشكل من المثيرات الخارجية، فالإحساس لا يتعامل مع المثيرات الخارجية بصورتها الأولية أو كما جاءت من المصادر البيئية، وإنما يتم تشكليها إلى رموز، أو معاني، أو صور؛ وذلك كي تحل هذه الرموز أو المعاني محل الخبرة الأصلية.
العمليات الانفعالية
عادة ما يصاحب الإحساس حالة انفعالية تتكون نتيجة طبيعة الشعور بالأشياء التي تنشأ غالبًا نتيجة الخبرات السابقة، فنحن حين نرى مشهد ما في مسلسل تلفزيوني ربما يثير لدى الفرد مشاعر وجدانية أو يثير لديه ذكريات مؤلمة أو مفرحة.
تابع قراءة موضوعنا: معلومات مُهمة حول نظرية السمات
الإحساس والإدراك في علم النفسpdf
إذا كنت تريد بعض المعلومات عن كتاب الإحساس والإدراك في علم النفسpdf يمكنك تحميل هذا الكتاب من خلال هذا الرابط.
المصادر والمرجع
سوف تتعرف معنا على المزيد من المعلومات عنSensation and Perception
وفي الختام نرى أن عمليتي الإحساس والإدراك في علم النفس قد نالت اهتمام العلماء، والفلاسفة، وعلماء النفس باعتبارها أحد أهم عمليات الإدراك، والتعليم، والتفكير، والتحكم التي تجعل الكائن البشري يفهم العالم الخارجي بشكل أفضل والسيطرة عليه، فبدون هاتان العمليتين لا يكون للدماغ فائدة، ولا يدرك الفرد المثيرات التي حوله بشكل واضح وهذا يؤدي إلى الوقوع في الأخطاء على كافة الأصعدة، وفي حالة إذا كنت باحث علمي متخصص في مجال علم النفس، يُمكنك أن تحصل معنا على أفضل رسالة ماجستير بلا منافس بمجرد التواصل مع شركة خدمات البحث العلمي سندك للاستشارات الأكاديمية والترجمة عبر الواتساب.