أنواع الصعوبات الإدراكية والحركية ونشاطات لتحسين الإدراك الحركي
مقدمة:
نناقش في ذلك المقال الصعوبات التي تقابل الأطفال في الحركة والإدراك وصعوبات التعلم، حيث سيتم التعرض لتلك الصعوبات بشكل مفصَّل، فهناك مجموعة من الأطفال الذين يعانون من صعوبات في تأدية الكثير من المهارات الحركية اللازمة في الحياة اليومية، كما أن صعوبات التعلم ذات تأثير كبير على قدرة الأطفال على تحليل ما يسمعونه وما يرونه وقدرتهم على ربط مختلف المعلومات ببعضها.
أولًا: أنواع الصعوبات الإدراكية والحركية:
تعَد الصعوبات الحركية والإدراكية من أبرز خصائص الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم، وقد قسَّم السرطاوي وسيالم (1987) الصعوبات الحركية والإدراكية إلى ثلاثة أقسام أساسية، وهي:
- صعوبات الإدراك البصري visual perceptual.
- صعوبات الإدراك السمعي Auditory perceptual.
- صعوبات الإدراك الحركي والتآزر العام Motor perceptual.
أما السرطاوي والسرطاوي (1981) فقد قسموا تلك الصعوبات إلى الأبعاد الآتية:
1- الصعوبات التمييزية.
2- صعوبات الإغلاق.
3- الصعوبات الإدراكية - الحركية.
4- الصعوبات المتعلقة بسرعة الإدراك.
5- صعوبات التسلسل.
6- النمذجة الإدراكية.
7- الثبات والاحتفاظ.
وفيما يلى توضيح موجز لتلك الأبعاد:
1- الصعوبات التمييزية:
ومهارة التمييز يُعنى بها التعرف إلى نقاط الاختلاف والتشابه بين مختلف المثيرات ذات العلاقة، وصعوبات التمييز يمكِن تصنيفها إلى:
أ- تمييز الأشياء المرئية: (صعوبات التمييز البصرى).
ب- تمييز الأشياء المسموعة: (صعوبات التمييز السمعي).
ج- تمييز الأشياء الملموسة: (صعوبات التمييز اللمسي).
د- تمييز الأشياء التي تشعر بها من خلاله الحركة: (صعوبات التمييز الحسي - الحركي).
ه- التمييز المرتبط بكل من الحركة واللمس: (صعوبات التمييز في الإدراك اللمسي والحركي الحادث معًا).
و- تمييز الشكل - الأرضية. (صعوبات التمييز ما بين الشكل - الأرضية).
إن الطفل الذي يعاني من صعوبات التمييز البصري يقابل صعوبات في إدراك وتحديد ما يفرِّق بين مثيرين بصريين أو ما يزيد عليهما، كما أنه لا يكون قادرًا على أن يميِّز الخصائص المرتبطة بالشكل والإدراك العميق والحجم والمسافة، مما ينعكس على درجة معرفته بالحروف والكلمات والحساب والأعداد والقراءة والرسم.
في حين أن الطفل ذو صعوبات التمييز السمعي يعاني من إمكانية التعرف إلى أوجه الشبه والاختلاف واستكشافها بين ارتفاع الصوت ودرجاته وتناسقه ومدته ومعدَّله، مما يؤثر على بناء اللغة الشفوية الفونيمي، ومن ثم عدم التمكن من تمييز المقاطع أو الحروف المتشابهة أو الكلمات، ومن ثم يؤثر ذلك على التهجئة بالأساليب الصوتية وتعلم القراءة.
بينما الطفل ذو صعوبات التمييز اللمسي لا يتمكن من أداء المهام التي تستدعي استخدام الأصابع بشكل متناسق مثل استخدام السكين والشوكة والملعقة كما أنه لا يتمكن من التقاط الأشياء، كما أن شعوره بالألم يكون غير شديد حيث إنه يتعرض للإصابات بمعدل أعلى مما يتعرض إليه الأطفال العاديين مثل إصابات الجروح والحروق وما شابه ذلك.
إن الطفل ذو صعوبات التمييز الحسي – الحركي لا يتمكن من تعلم الضبط الحركي العام ولا الأنماط الحركية، ويكون هذا ناتجًا عن تأثر التغذية الراجعة الحسية التي يُصدِرها الجسم، وعندما يكون الطفل فاقدًا للتمييز الحسي – الحركي فإنه يقابل مشكلات أيضًا في أن يكون متقنًا للمهارات النمائية الرئيسية المتمثلة في المشي والزحف والأكل، ومهارات العناية بالنفس مثل خلع الملابس أو ارتدائها، وأيضًا تعلم المهارات المتقدِّمة المتمثلة في الحركات الإيقاعية والرياضية والكتابة اليدوية.
بينما لا يتمكن الطفل ذو صعوبات التمييز الإدراكي اللمسي والحركي التي تَحدث معًا من تأدية المهمات الحركية التي تتطلب الدقة والمتمثلة في استخدام الأدوات، والكتابة، وتعلم المهارات التي تتطلب أداءً حركيًا.
بينما فيما يتعلق بالصعوبات الخاصة بالتمييز بين الشكل والأرضية، فإنها تشير إلى العناية باختيار مثيرات محددة من بين عدد من المثيرات الأخرى التي تنافسها وذلك عندما تَحدث في وقتٍ واحد، وتتعلق تلك المشكلات بسرعة الإدراك والانتباه الانتقائي، ذلك أن الطفل الذي يجد صعوبات في التمييز البصري بين الشكل والأرضية والذي لا يكون قادرًا على أن يفرِّق بين شكل ما والأرضية التي يوجَد عليها حيث يَعتبر أن الشكل جزء لا يتجزأ عن الأرضية، فهو أيضًا لا يتمكن من التمييز بين الشكل والأرضية في حالة السمع، حيث إنه لا يتمكن من الإنصات إلى تعليمات المعلم عندما يتحدث التي تمثل الشكل، وبين الأرضية التي تمثل صراخ الطلبة داخل الصف.
2- صعوبات الإغلاق:
والإغلاق يعني قدرة الشخص العقلية على أن ينهي الشيء المتمثل في الكل حينما يتم فقد جزء من أجزائه، بمعنى تكملة الشيء الناقص، فالطفل ذو صعوبات الإغلاق البصري لا يتمكن من تمييز الصور والأشكال عندما تكون غير مكتملة الأجزاء، كما أنه لا يتمكن من التعرف إلى الكلمات المسموعة في حالة أنه سمع جزءًا منها، وهو أيضًا لا يتمكن من الاستدلال إلى معنى كلمة "وكذلك"، حيث إنه يعاني من طريقة فهم العبارات المسموعة بلغة أخرى وتفسيرها، كما أنه لا يكون قادرًا أيضًا على أن يجمع الأصوات ويولِّفها في جُمَل أو كلمات مفيدة.
3- الصعوبات البصرية - الحركية:
وهي تشير إلى صعوبات في التوافق الإدراكي الحركي، وعدم إمكانية أداء الأنشطة التي تحتاج تآزرًا حسيًا حركيًا أي تآزر بين كل من العين وحركة اليد، حيث قد لا يكون الطفل قادرًا على أن يطور الإدراك الداخلي الخاص بالجانبين الأيسر والأيمن، فيصبِح غير قادر على أن يستخدمها بصورة مستقلة فهو يحرك باليسار ويكتب باليمين بصورة غير متناسقة، كما أنه قد لا يكون قادرًا على فهم الاتجاهات فهو لا يستطيع تمييز الرقمين (6، 2) أو الحرفين (d, b)، كما أنه قد لا يكون ناجحًا في المهارات الحركية المرتبطة باستخدام الأصابع والأيدي مثل المسك والتقطيع والقذف والكتابة على الأسطر.
4- الصعوبات المتعلقة بسرعة الإدراك:
إن سرعة الإدراك تعني أن يتمكن الفرد من أن يُصدِر الاستجابة التي تلائم المثير في أقل فترة زمنية ممكِنة سواء كان المثير بصريًا أو سمعيًا، فالطفل الذي يواجه تلك المشكلة يتطلب وقتًا أطول في أن يسمي الأشكال التي يَقوم برؤيتها أو الأصوات التي يَقوم بسماعها.
5- صعوبات التسلسل:
يُقصَد بالتسلسل ترتيب مجموعة من المثيرات ترتيبًا منطقيًا ينتج عنه في آخر الأمر معنى محدد كنتيجة لها، مثل أن يَقوم بترتيب الكلمات في جمل ذات معنى، وهذا ما يقف عائقًا في وجه الطفل حيث لا يتمكن من أن يرتب الكلمات داخل الجمل بصورة منطقية أو أن يرتب أجزاءً مكوِّنة لصورة بحيث يَحصل في نهاية الأمر على صورة كاملة، كما أنه أيضًا لا يكون قادرًا على أن يستجيب لثلاثة أوامر بشكل متسلسل، فهو قد يَقوم بإنجازها ولكن بطريقة غير متسلسلة.
6- النمذجة الإدراكية:
يُقصَد بها ميل الأشخاص إلى أن يفضلوا نمطًا حسيًا محددًا من أنماط التعلم على نمط آخر، فبعض الأفراد يفضلون نمط التعلم السمعي بالرغم من أنهم ليس لديهم أي صعوبات بصرية، فهم يفضلون أن يستمعوا إلى المثير لا أن يَنظروا إليه، وفي تلك الحالة يكونون مستندين بشكل كلي في عملية التعلم إلى حاسة السمع.
7- الثبات والاحتفاظ:
وهو يعني الإصرار والثبات على تأدية الأنشطة بشكل دائم بالرغم من كون النشاط قد انتهى، فالطفل الذي يواجه تلك المشكلة يعيد ما فعله أو قاله دائمًا وبصورة قسرية، ولا يتمكن من التوقف عن أداء هذا السلوك أو تعديله.
ثانيًا: نشاطات لتحسين الإدراك الحركي:
يؤثر الإدراك الحركي على تأدية المهارات والمهمات الحياتية والأكاديمية والاستقلالية والحركية، لهذا فإن تطويره وتحسين أدائه يستدعي مزيدًا من جهود الأخصائيين مثل أخصائي العلاج الطبيعي، أخصائي العلاج المهني، مدرس التربية الرياضية، حيث يَقومون بالعمل على اعتبار أنهم فريق واحد، ولقد قام كيفارت وآخرون (1971) بتطوير برنامج يشتمل على عدد من الأنشطة، وهي:
-تدريب الأطفال على عملية التوازي والوقوف وعلى الاتجاهات من خلال المشي على ألواح خشبية.
-مساعدة الأطفال على أن يحددوا مركز الجاذبية وتطوير توازن الجسم في الجانب الأيسر والأيمن من خلال استخدام خشبة التوازن.
-مساعدة الأطفال على أن يكوِّنوا أجسامهم بتوازن وتناسق سليم من خلال القفز على منصة البهلوان.
-عمل تمرينات إيقاعية جسدية من أجل تحسين عملية التآزر الجسدي من خلال استخدام الإيقاعية السمعية واللمسية، مما يجعل الطفل يستوعب الإيقاع عن طريق أجزاء الإدراك المتنوعة لديه وأنماطه.
-استخدام أسلوب العمليات النفسية وتحليل المهمات في تدريب الأطفال على مختلَف الحركات وأنشطة الإدراك الحركي، وذلك الأسلوب يتكون من أربعة مراحل، وهي:
أ- تحليل المهمة من أجل معرفة المهارات الفرعية اللازمة من أجل تعلم تلك المهمة.
ب- معرفة ما يتمكن الطفل من أدائه عن طريق تقييم أدائه في المهمات الفرعية الخاصة بالمهارة الرئيسية.
ج- معرفة الإجراءات الحركية/ الإدراكية اللازمة لإنجاز المهمة.
د- تدوين الأهداف التعليمية بالإضافة إلى اختبار الإجراءات العلاجية التي تَقوم بدمج الإجراءات الخاصة بذلك الأسلوب وأهدافه مع هذه المهمة (السرطاوي, السرطاوي, 1988).
ويذكر النشواتي (1984) عددًا من التطبيقات التربوية التي تحسِّن الإدراك الحركي، والتي تتمثل في:
1- فهم المهمة:
حيث يتمكن الطالب من فَهم المهمة في حالة أنه تم توجيه انتباهه من قِبل المعلم إلى المكونات الرئيسية للمهارة، وتوضيح له أفضل الأساليب لممارسة هذه المهمة من خلال مجموعة من الاستجابات الجزئية التي تكوِّنها، وإمداده بنماذج سليمة لأداء هذه المهمة.
2- التدريب على ممارسة مكونات محددة:
حيث يعمل المعلم على تقسيم المهارة وصولًا إلى مكوناتها الجزئية، ويدرب التلميذ على كل جزئية إلى أن يصل إلى مرحلة إتقانها، ثم يسعى نحو الوصول إلى المهارة الكلية من خلال ربط الأجزاء بشكل متكامل.
3- التزويد بالتغذية الراجعة:
حيث يعمل المعلم على إعطاء التلميذ تغذية راجعة والتي تعَد عامل مهم في تعلم الأداء الحركي وتحسينه خصوصًا في حالة إعطاء التغذية الراجعة في الوقت الملائم، ومن واجب المعلم أن يعطي التلميذ معلومات تفصيلية تتعلق بمستوى أدائه حتى يتمكن من تقويم أدائه ذاتيًا خلال تدربه بشكل فردي.
4- التدريب على الأداء في أوضاع متباينة (مختلفة):
ويتم هذا من أجل أن يتم تعميم الخبرة في مواقف الحياة كافة، حيث أن هناك أطفالًا لا يَقدرون على أن يعمموا الخبرة، ذلك أن الطفل على سبيل المثال قد يتمكن من قراءة كلمة "قف" إذا كانت موجودة على ورقة، في حين أنه لا يتمكن من قراءاتها على لافتة موجودة في الشارع، أو قد يَقوم بكتابة كلمة في ورقة ولكنه لا يتمكن من كتابتها على لوحة، حيث إن التدريب على الأداء في ظل أوضاع مختلفة يجعل الأداء قويًا ولا يجعله يتأثر بالتغيرات البيئية.
5- المواظبة على ممارسة الأداء الحركي:
ويعني القيام بتكرار المهارة وأدائها بشكل مستمر، بَعد أن يكون التلميذ قد أتقنها، سواء كان هذا التكرار يتم في البيت خلال تأدية الطفل لواجباته أو يتم في غرفة الصف، مع وجوب الاهتمام باستيعاب المهارة الحركية بصورة جيدة خلا تأديتها.
الخاتمة:
في ذلك المقال قد ذكرنا الصعوبات التي تقابل الأطفال، وبالتالي يَظهر لنا فائدة الإدراك لدى الطفل الذي يعِينه في مجالات مدرسية كثيرة من جهة التعلم، وفائدة النشاط الحركي الذي يعمل على تنمية الإدراك الحركي لدى الطفل.