علم النفس والإجراءات القانونية يتداخلان بشكل كبير في النظام القضائي؛ حيث يقدم علماء النفس رؤى حيوية تساعد في تفسير السلوك البشري وتقدير الأهلية العقلية للمدعى عليهم، وهذه الرؤى تعد جوهرية في العديد من الحالات القانونية، خاصة عندما يكون هناك شك في قدرة الفرد على فهم طبيعة أو أخلاقية أفعاله.
ما هو علم النفس القضائي؟
علم النفس القضائي هو مجال فرعي من علم النفس التطبيقي، يركز على تفاعل علم النفس والنظام القضائي، ويتعامل هذا الفرع مع فهم السلوك البشري في سياق القانون وكيفية تطبيق المبادئ النفسية لتحسين النظام القضائي، ويشمل عمل علماء النفس القضائيين مجموعة واسعة من الأنشطة، منها:
1- تقييم الأفراد
تقديم تقييمات نفسية للمدعى عليهم أو الشهود؛ لتحديد أهليتهم للمثول أمام المحكمة أو لتقديم شهادات.
2- شهادة الخبراء
تقديم شهادات مستندة إلى الفهم النفسي في القضايا الجنائية والمدنية.
3- تقديم المشورة القانونية
مساعدة المحامين والقضاة في فهم الجوانب النفسية للقضايا، مثل دوافع السلوك الإجرامي أو تأثير الصدمات النفسية.
4- البحوث النفسية
إجراء بحوث حول مواضيع مثل ذكريات الشهود، والكشف عن الكذب، والاعترافات الكاذبة، وتأثير العوامل النفسية على قرارات المحلفين.
اقرأ أيضًا: ماهي القانون الجنائي| مقدمة في القانون الجنائي
ما هو الهدف من علم النفس الشرعي؟
الهدف من علم النفس الشرعي وعلم النفس والإجراءات القانونية هو توفير الفهم النفسي والسلوكي للأفراد والمجتمعات في سياق النظام القانوني، يسعى علم النفس الشرعي إلى تقديم الخبرات والتقارير النفسية التي يمكن استخدامها في المحاكم والمؤسسات القانونية لتقديم الأدلة وفهم السلوك البشري في السياق القانوني.
ما هي اختصاصات علم النفس؟
هناك العديد من اختصاصات علم النفس والإجراءات القانونية وهي كالتالي:
أولا: علم النفس السريري
يركز على تشخيص وعلاج الاضطرابات النفسية والعقلية.
ثانيًا: علم النفس التطوري
يدرس تطور السلوك البشري والعوامل التي تؤثر في تطور الشخصية.
ثالثًا: علم النفس الاجتماعي
يهتم بدراسة كيفية تأثير العوامل الاجتماعية على سلوك الأفراد والمجموعات.
رابعًا: علم النفس التعليمي
يركز على تطبيق مبادئ علم النفس في مجال التعليم وتحسين العملية التعليمية.
خامسًا: علم النفس الصحي
يدرس العلاقة بين العوامل النفسية والصحة الجسدية، ويعمل على تطوير استراتيجيات العلاج والوقاية.
سادسًا: علم النفس الصناعي والتنظيمي
يركز على فهم سلوك الأفراد في سياق العمل وتحسين الأداء والمشاركة في البيئات العملية.
سابعًا:علم النفس القانوني والقضائي
يدرس تأثير العوامل النفسية على السلوك القانوني، ويقدم الخبرات النفسية لفهم القضايا القانونية، واتخاذ القرارات في النظام القضائي.
.jpg)
تعرف على: قوانين المملكة العربية السعودية الجديدة بالتفصيل
الجنون في المحكمة
أحد الإسهامات الكبرى لـ علم النفس والإجراءات القانونية هو تقييم ما إذا كان المتهمون وقت ارتكاب الجريمة قادرين على فهم طبيعة أفعالهم، أو على إدراك أنها كانت خاطئة، وليس فقط غير قانونية، وهذا التقييم يرتكز على غياب الوعي الأخلاقي بالأفعال، وهو ما يثير النقاشات حول الجرائم الشنيعة، مثل: القتل المتسلسل؛ حيث يعتقد البعض أن تلك الجرائم بعيدة جدًا عن المعايير الأخلاقية؛ بحيث يجب اعتبار مرتكبيها مجانين، ولكن من الناحية القانونية إذا كان الجاني على اتصال كافٍ بالواقع ليعي ما يقوم به وأنه خاطئ لا يمكن اعتباره مجنونًا؛ لذلك قليل من القتلة المتسلسلين يحكم لهم بالبراءة بسبب الجنون.
تثير هذه النقطة بلبلة في مناقشات غير المختصين حول الجرائم البشعة، مثل: القتل التسلسلي، فقد تبدو هذه الجرائم بعيدة تمامًا عن القبول الأخلاقي، لدرجة أنه يجب اعتبار القاتل مجنونًا، ولكن إذا كان القاتل على اتصال كافٍ بالواقع ليعي ما يقوم به وأن ذلك خطأ، فلا يمكن الدفع بجنونه بموجب القانون؛ ولهذا السبب نادرًا ما يُحكم للقتلة المتسلسلين بالبراءة نتيجة للجنون.
الفهم القانوني للجنون غالبًا ما يختلف عن الفهم العام، فالشخص الذي يرتكب أفعالًا غير مفهومة، مثل: قتل أطفاله انتقامًا من زوجته، قد يعتبره الكثيرون مجنونًا، ولكن إذا كان هذا الشخص يعرف ما يقوم به وأنه خطأ، فهو سليم العقل في نظر المحكمة.
الأطفال والمقتضيات القانونية
تتعامل المحاكم بحذر مع قضايا الجنون عندما يتعلق الأمر بالأطفال، والعديد من الأنظمة القضائية تقر بأن الأطفال دون سن معين لا يمكن اعتبارهم قادرين على التمييز بين الصواب والخطأ، ويختلف سن التمييز للأطفال من بلد لآخر، فمثلًا في الهند من 7 سنوات، في حين تكون 18 سنة في البرازيل، و10 سنوات في بريطانيا والولايات المتحدة للجرائم الفيدرالية لتقديم شهادة الأطفال في المحكمة، وقد يُطلب من عالم نفس تقييم قدرتهم على فهم الفارق بين الصواب والخطأ، والحقيقة والأكاذيب.
الجنون المؤقت والاندفاع القضايا
التي يزعم فيها المدعى عليه الجنون المؤقت تُعد تحديًا خاصًا، إذا فقد الشخص اتصاله بالواقع ربما بسبب الهلوسة، وقد تُبرأ ساحته بسبب الجنون في الحالات القصوى، مثل: السلوك اللاإرادي؛ حيث يكون الشخص غير مدرك تمامًا لأفعاله، وقد تبرأ ساحته لعدم توافر القصد الجنائي.
مساهمات متزايدة
أدوار علم النفس والإجراءات القانونية تتجاوز اعتبارات المرض العقلي وأهلية الدفاع، وتسهم الخبرة الإكلينيكية والدراسات المتنوعة في فهم أعمق لكيفية تأثير العوامل النفسية على السلوك الجنائي.
الاعترافات الكاذبة
أحد الجوانب المثيرة للاهتمام هو الاعترافات الكاذبة، وأحيانًا يعترف أشخاص بجرائم لم يرتكبونها وذلك لأسباب مختلفة، مثل: حماية شخص آخر، أو الهروب من الإجبار، أو التعذيب، مثال تاريخي على ذلك هو قضية اختطاف ابن تشارلز ليندبيرج في 1932؛ حيث اعترف نحو 200 شخص بالجريمة.
احصل على: دليل تفصيلي حول الفرق بين القانون الجزائي والجنائي
ذكريات مستعادة
أحيانًا قد يتذكر المرضى أثناء العلاج صدمات من سنوات سابقة كانوا قد نسوها، هذه الذكريات غالبًا ما تتعلق بالإساءة وتُستخدم كأدلة في المحاكم، ومع ذلك هناك جدل حول ما إذا كانت هذه الذكريات حقيقية أم مُستحدثة زورًا.
الشهادة اعتمادًا على متلازمة
تواجه المحاكم صعوبة في التعامل مع الظواهر النفسية المعقدة، واستخدام المتلازمات النفسية مثل: متلازمة اضطراب توتر ما بعد الصدمة (PTSD)، أصبح شائعًا في الشهادات القانونية، وهذه المتلازمات تساعد في تقديم إطار لفهم التأثير النفسي للصدمات، ولكن هناك جدل حول استخدامها كأدلة طبية.
متلازمة اضطراب توتر ما بعد الصدمة
أكثر المتلازمات النفسية شيوعًا في الاستخدام في الشهادات هي متلازمة اضطراب توتر ما بعد الصدمة، وهي لها تاريخ طويل ومتنوع باعتبارها جزءً من صدمة القذيفة التي عرفت إبان الحرب العالمية الأولى، أو ما كان يطلق عليه إجهاد المعركة إبان الحرب العالمية الثانية، بل وكانت هناك ظاهرة اكتشفت في الحرب الأهلية الأمريكية، وأطلق عليها قلب الجندي.
في البداية لم تلق جميع ردود الأفعال المفرطة هذه لخبرة المعركة اهتمامًا باعتبارها جبنًا أو ضعفًا بالشخصية، وهناك حالات في الحرب العالمية الأولى أعدم فيها جنود بسبب الجبن أو الفرار من الجندية، وكانت حالاتهم ستشخص الآن باعتبارهم يعانون من متلازمة اضطراب توتر ما بعد الصدمة، وساعد الفهم الإكلينيكي لآثار الصدمة الشديدة على اكتساب فهم أكثر استنارة لما يمر به الناس في معمعة الحرب، وهذا قدَّم أيضًا إطار عمل لتقييم التأثير النفسي لمواقف أخرى كثيرة مرتبطة بالصدمات.
تابع قراءة موضوعنا: نعرض ملخص القانون الجنائي الخاص بصورة وافيه
علم النفس القانوني PDF
سنطلعك أيضًا على نسخة من علم النفس القانوني PDFيمكن أن تتطلع من خلالها على المزيد من المعلومات التي تتعلق بـ علم النفس والإجراءات القانونية؛ كل ما عليك هو الضغط على الرابط لتحميل الكتاب.
المصادر والمراجع
سوف تحصل على جميع المعلومات من خلال Psychology and legal procedure
في نهاية المقال بعد تقديمنا حول علم النفس والإجراءات القانونية، ومعرفة ما هو علم النفس القضائي، وتقديم أهم اختصاصات علم النفس، وتقديم عدة نصائح وحلول، نتمنى أن نكون أوفينا استفساراتكم، وأن تكون قراءة شيقة ومليئة بالمعلومات المفيدة، نحن أفضل شركات البحث العلمي شركة سندك للاستشارات الأكاديمية والترجمة، ونقدم لك عن أسعار كتابة الرسائل العلمية، كل ما عليك التواصل معنا عبر الواتساب.
