لماذا يفشل بعض المترجمين المستقلين؟
يواجه المترجمون المُستقلون في وقتنا الحاضر الكثير من العوائق التي تقف حجر عثرة في طريق نجاحهم وتقدمهم ونهوضهم بمجال الترجمة ككل، ومن هذه العوائق ما يُعزى إلى المُترجم ذاته ومنها ما يُعزى لأسباب خارجة عنه ولا سبيل له للسيطرة عليها، وسنناقش بهذا المقال بعض المعوقات التي تواجه المُترجمين العرب وسنطرح بعض الحلول المُقترحة للتعامل مع معها آملين أن نتخطى هذه المعوقات يومًا.
أولًا. عدم بذل الجهود الكافية بالتسويق
بمجرد اتخاذ المُترجم لقرار العمل الحر، فلابد أن يفهم أن التسويق من أهم عوامل نجاحه واستمراره بالعمل الحر ولا يقل أهمية عن جودة أعماله؛ وبدون التسويق الجيد، على المترجم ألا يتوقع استمرارًا لتدفق الأعمال أو عائدًا كبيرًا؛ ومن أهم وسائل التسويق في الوقت الحاضر الانخراط بوسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر ولينكد إن للتواصل مع الزملاء والعملاء والترويج للأعمال، ومن أفضل المنصات التي يستعين بها المُترجمين أيضًا "Translators Café" و"Proz"، حيث ينشر العملاء إعلانات الوظائف عبر هذه المنصات.
ثانيًا. الخوف الرفض
من أكثر أسباب عدم نجاح المُترجمين المُستقلين شيوعًا خوفهم من التعرض للرفض من بعض العملاء؛ إلا أنه يجب على المُترجم أن يتغلب على خوفه وألا يسمح له بالتأثير على مسيرته المهنية، فلا شك أن الجميع يتعرضون للرفض أحيانًا؛ وليس بالضرورة أن يكون سبب رفض العميل هو عدم كفاءة المُترجم، بل يُمكن أن يكون سبب رفضه أنه مُتعاون بالفعل مع مُترجم آخر بنفس المجال أو لأن عرض الأسعار لا يُناسبه.
ثالثًا. عدم الاهتمام بجودة العمل سعيًا لزيادة الأرباح
لا شك أن التنافسية عالية بسوق العمل الحر وأن شركات الترجمة ومُزودي الخدمات يتلقون سيلًا من السير الذاتية لمُترجمين جُدد؛ لذا حتى يُقيد المُترجم المُستقل ضمن المُترجمين المُعتمدين لدى أحد شركات الترجمة أو مُزودي الخدمات، يجب أن تتميز أعمال هذا المُترجم بالجودة؛ وحال تدهور جودة الترجمة لأي سبب من الأسباب يكون هذا المُترجم مُعرضًا للشطب من لوائحهم، ويُمكن لهذه الشركات الاستغناء عن خدمات هذا المُترجم بسهولة واستبداله بغيره ممن يتمتعون بالجودة؛ ومع ذلك تُفضل الغالبية العظمى من الشركات التعامل مع نفس المترجمين الذين يثقون بجودة أعمالهم ومُراعاتهم لمعايير العمل توفيرًا للوقت والجهد اللازمين للعثور على مُترجم جديد ويمتاز بالجودة؛ فإذا كُنت مُسجل ضمن قوائم المُترجمين المُعتمدين لأحد الشركات، أحرص دائمًا على جودة أعمالك ولا تتنازل عنها لأس سبب من الأسباب.
رابعًا. عدم الالتزام بمواعيد التسليم
من أهم الأمور التي يجب أن يُراعيها المُترجم والتي تُساهم باستمرار تدفق الأعمال، التزامه بمواعيد التسليم المُحددة سلفًا للعمل؛ حيث يعكس عدم التزام المُترجم بمواعيد عمله افتقاره إلى المهنية، وبالتالي لا يثق به العملاء ولا يعتمدون عليه بالأعمال المُستقبلية.
خامسًا. عدم الاهتمام بأمور التنسيق والأمور التكنولوجية
تعتبر فنيات التنسيق وإتقان التعامل مع البرامج اللازمة لإنجاز بعض الملفات من الأمور الرئيسية التي لا يسع المترجم الجيد جهلها؛ حيث يجب أن تظهر الوثيقة المُترجمة بنفس تنسيق الوثيقة الأصلية بما في ذلك جميع الجداول والرسوم البيانية وغيرها من التنسيقات؛ لذا يجب على المُترجم مُراعاة هذه الأمور عند قبوله للعمل وعدم ترك أمور التنسيق للعميل؛ ويعتبر قبول المُترجم لعمل وهو غير مؤهل لإنجازه دليلًا على افتقاره للخبرة والمهنية ويُعطي انطباعًا سيئاً عن هذا المترجم، نظرًا للوقت الذي يستغرقه مُزود الخدمة بإعادة التنسيق والذي يؤدي غالبًا إلى تأخير وقت التسليم.
سادسًا. المُبالغة بتقدير الذات
على المُترجم أن يكون عالمًا ومُدركًا لقدراته وإمكاناته والمجالات التي يتميز بها؛ ومن أهم مميزات العمل الحر أن المُترجم ليس مُلزمًا بقبول جميع الأعمال التي تُعرض عليه؛ لذا لابد أن يُدرك المُترجم أن رفضه لبعض الأعمال يُكسبه المزيد من الاحترام ويعكس مدى حرفيته لدى مُزود الخدمة؛ ومن ناحية أخرى، إذا قبل المُترجم عملًا وهو غير مؤهل لإنجازه على أكمل وجه وأنتج ترجمة دون المُستوى المطلوب، فلا شك أن ذلك سيؤثر سلبًا على سمعته.
سابعًا. قبول الأسعار المُتدنية
يظن بعض المُترجمين أن قبول أجور مُتدنية ببداية عملهم كمُترجمين مُستقلين أمر طبيعي ولا ضرر منه آملين أن ترتفع أجورهم مُستقبلًا، إلا أنهم مع مرور الوقت يجدون أنفسهم قد انهمكوا في العمل مع شركات تُغرقهم بسيل من الأعمال ولا يجدون الوقت الكافي للبحث عن عملاء جُدد بأجور معقولة نظرًا لحرصهم على الوفاء بالتزاماتهم المادية؛ لذا على المُترجم ألا يقع ضحية لمثل هذه الأمور وأن يُسارع بالخروج منها وألا يكف عن مُحاولة العثور على عملاء أفضل بأسعار معقولة.
خلاصة القول، توجد العديد من الأمور التي تُعزز الثقة بالمُترجم وتُكسبه ميزة تنافسية بين أقرانه، منها الاستمرار بتقديم الأعمال بجودة مُتميزة، وإدراك المُترجم لنقاط قوته واستغلالها جيدًا، والوفاء بالمواعيد العمل، وقبول الأعمال التي يستطيع المترجم إنجازها على أكمل وجه، وبذل المزيد من الجود لتحقيق التميز؛ لأن هذه السلوكيات نادرة في صناعتنا، ولا شك أن المُترجم الذي يتحلى بهذه الصفات سيكون محل تقدير شركات الترجمة ومزودي الخدمات الباحثين عن التميز.