أنواع الأخطاء الشائعة في البحث العلمي
في الآونة الأخيرة قد زادت الأبحاث العلمية في مختلف المجالات، وهي ظاهرة إيجابية تُسعِد كل المهتمين بالارتقاء بجودة التعليم وبمستوى العاملين به، ولكن صاحَب هذا الانتشار والكم الكبير للبحوث العلمية في المجالات كافة تدنٍ عام لمستوى البحث العلمي في بعض من تلك الأبحاث، مما انعكس على الثقة في نتائجها، وهنا سوف نوضح بعض الأخطاء الشائعة التي تم ملاحظتها في البحوث العلمية حتى يتجنبها الباحثون بعد ذلك.
أهم الأخطاء الشائعة عند كتابة الدراسات الأكاديمية:
-
أخطاء في اختيار مشكلة البحث: إن أهم ما يستحوذ على تفكير أي باحث هو اختيار الموضوع الذي يبني عليه بحثه سواء أكان ذلك البحث لنيل درجة الدكتوراه أو الماجستير، وقد يختلف الوضع في حالة الموضوعات التي يتم فرضها على الباحث من القسم العلمي الذيينتمي إليه في الجامعة، أو في حالة التقدم لإجراء بحث معَين تم الإعلان عنه من بعض الهيئات المتخصصة، ومن أبرز السلوكيات الخاطئة التي يقع فيها كثير من الباحثين أثناء اختيارهمللمشكلة البحثية الخاصة بأبحاثهم هو أن يكون تفكيره منغلقًا على موضوع بعينه، وأن يكون متحمسًا بشدة لذلك الموضوع، ولا يعطي لذاته الفرصة في التفكير في مواضيع أخرى جديدة ومشكلات بحثية مبتكرة، وقد يكون هذا سببًا في اختياره موضوعًا قديمًا قُتِل بحثًا، ويَحرمه من فرصة التطلع إلى موضوعات أخرى حديثة ومهمة في مجال تخصصه العلمي، فيجب عند اختيار مشكلة البحث أن يكون الباحث مطلعًا على المجالات البحثية في مجال تخصصه كافة.
كما أن من أبرز الأخطاء التي يقع فيها الباحثون الأكاديميون أثناء اختيار المشكلة البحثيةهي ألا يشكل الموضوع الذي تم اختياره مشكلة بحثية فعلية، وألا تكون المشكلة من الأهمية التي تستدعي إجراء بحث علمي حولها، وأن تكون المشكلة من المشكلات التي تتطلب بحوث حركة، وأن يتخير الباحث مشكلة ذات طابع شخصي، وأن يتم إجبار الباحث على اختيار مشكلة غير مقتنع بها، وأن تكون المشكلة البحثية التي يبني عليها بحثه قديمة، وأن تكون المشكلة البحثية أكبر من الإمكانات الخاصةبالباحث وقدراته، وعدم اهتمام الباحث بأن يجري دراسة استطلاعية من أجل التأكد من المشكلة.
-
أخطاء في كتابة خطة البحث: تعَد خطة البحث بمنزلة العَقد بين كل من الباحث الأكاديمي والقسم العلمي الذي ينتمي إليه والكلية والجامعة التي يَقوم بتسجيل بحثه فيها، وهناك شروط ومتطلبات محددة تَقوم كل كلية أو جامعة بتحديدها يجب الالتزام بها بصورة دقيقة، ومن ضمنالأخطاء التي يقع فيها الباحث هي:
أن يتسرع الباحث في كتابة خطتهالبحثية، وعدم صياغة عنوان البحث بصورة جذابة وشائقة تجذب اهتمام القارئ وتدل على محتوى البحث، وأيضًا أن يكتب الباحث مقدمة خطة بحثه بصورة تميل إلى العمومية الشديدة التي قد تشتت ذهن القارئ، وأن يَستخدملغة فضفاضة بعيدة عن الأسلوب العلمي الدقيق والمحدد الذي يجب أن يتم استخدامه في كتابة الخطة، وتعَد الإطالة في المقدمة من الأخطاء التي يقع فيها بعض الباحثين، كما أن الاختصار الشديد ليس مستحبًا، حيث لا يتيح للقارئ استيعاب أبعاد المشكلة، وأيضًا توجَد أخطاء تتعلق بصياغة المشكلة ومن أهمها أن يتم صياغة المشكلة على هيئة سؤال، وعدم توضيح ماهية المشكلة البحثية بالتحديد كأن يَذكر في المشكلة أنه سوف يقوم بتصميم برنامج تدريبيًا وإجراء تجربة لشيء ما مع عدم إبراز المشكلة أو الكشف عن العلاقة بين متغيرين.
-
أخطاء في كتابة أسئلة البحث: توضح أسئلة البحث الإجراءات التي ينبغي على الباحث أن يجريها من أجل التوصل إلى حلول ممكِنة لمشكلة بحثه، وأسئلة البحث لا تكون إجاباتها معروفة قبل انتهاء الباحث من بحثه والتوصل بنفسه إلى هذه الإجابات؛ فمن أبرز الأخطاء التي يرتكبها الباحثون هي صياغة أسئلة إجابتها معروفة قبل انتهاء الباحث من بحثه، وأن يبتعد الباحث عن الأسئلة المركبة حيث أنه من الأفضل أن يدور كل سؤال من أسئلة البحث حول فكرة واحدة واضحة ومحددة، فعلى الباحث أن يتجنب صياغة أسئلة مركبة يتطلب الإجابة عن السؤال الواحد منها الإجابة عن أجزاء متعددة داخل السؤال، كما يجب أن ينأى ببحثه عن الأسئلة الطموحة، وهي الأسئلة التي تتعدى إمكانات الباحث وقدراته، فيجب على الباحث أن يصيغ أسئلته في حدود إمكاناته المادية والزمنية، ولذلك تتضمن خطة البحث عنصرًا مهمًا هو حدود البحث، حيث تساعد الباحث أن يصيغ أسئلته في ضوء هذه الحدود، وأخيرًا ينبغي أن تكون أسئلة البحث مرتبطة، حيث نقرأ أحيانًا في بعض الخطط البحثية أسئلة لا علاقة لها بمشكلة البحث، فإن لم تكن هناك علاقة واضحة ومفيدة للبحث فلا داعٍ لهذا السؤال من الأساس.
-
الأخطاء في صياغة فروض البحث: تُعتبر فروض البحث هي تصور لإجابات أسئلة البحث، يتوصل لها الباحث بناءً على قراءاته في الأدبيات والدراسات والأبحاث المرتبطة بمشكلة البحث، فهي إجابات ذكية مدروسة ومؤسسة على ركائز ومؤشرات علمية، ومن أكثر الأخطاء شيوعًا في كتابة فروض البحث ما يلي:
أن يكتفي الباحث بأسئلة البحث ولا يضع فروضًا، ولكن أحيانًا في البحوث التاريخية والبحوث الاستكشافية يمكِن الاكتفاء بأسئلة البحث، حيث لا تتوافر لدى الباحث المعلومات التي تمكِّنه من صياغة فروض، وأن يتسرع الباحث في صياغة فروض غير مؤيَّدة بأسس علمية، وأن يضع الباحث فروضًا تتعارض مع المتعارَف عليه في الأدبيات المرتبطة بتخصصه، وأن يضع الباحث فروضًا لبعض الأسئلة ويهمل أسئلة أخرى، وعند صياغة فروض البحث غالبًا ما يهمل الباحث السؤال الأول وأحيانًا السؤال الثاني، ويبدأ في وضع فروض لأسئلة الجزء التجريبي في البحث فقط، ومن بين أخطاء صياغة فروض البحث أيضًا استخدام الفروض الصفرية، وفيها يفترض الباحث أنه لا توجَد فروق بين نتائج المجموعات البحثية، ويفضَّل أن يتم استخدام هذه الفروض الصفرية عند التحليل الإحصائي للبيانات، وذلك لضمان الموضوعية وتجنب الانحياز للمجموعة التجريبية، ولكن استخدامها في خطة البحث أي قبل إجراء البحث ليس من المنطق في شيء.
-
أخطاء في توضيح حدود البحث: من أهم العناصر في الخطة البحثيةإيضاح الحدود التي سيتعامل الباحث في إطارها، هذه الحدود تكون من اختيار الباحث ويكون لها مبرراتها وأهدافها، ومن المتعارف عليه في البحوث أن حدود البحث تتضمن حدودًا عددية وحدودًا مكانية وحدودًا زمنية، وأحيانًا تفرض طبيعة البحث توضيح حدود أخرى وإغفال توضيح هذه الحدود يُعتبر من الأخطاء الشائعة في البحوث وخاصة التربوية.
-
من أهم الأخطاء العلمية التي يقع فيها الباحث:
عدم الدقة في جمع البيانات، وعدم الشمول فيما يراجعه من أدبيات، وعدم الاهتمام بالرجوع للمصادر الأصلية في جمع البيانات، وتحريف ما يجده من معلومات إما عن جهل وإما عن قصد، وعدم المثابرة في البحث، والتساهل في تصميم الأدوات البحثية، والأخطاء المنتشرة في استخدام التحليل الإحصائي وفي أن يفسر الباحث النتائج بحيث تحقق الأهداف التي يرجوها من بحثه.
-
أهم الأخطاء التي يقع الباحث بها عند كتابة البحث العلمي:
في هذه الحالة تكون معظم مكونات محتوى الرسالة موجودة لدى الباحث بالفعل، كما تكون أجزاء كثيرة من الرسالة قد سبق للباحث كتابتها، والأمر هنا هو عملية تجميع لكل ما لديه من أوراق وبطاقات وجداول وشرائط وتسجيلات، والبدء في عملية تنظيم وترتيب للأوراق وللوقت، فمن المهم جدًا دراسة القواعد التي تحددها كل جامعة بخصوص شكل الكتابة ومتطلبات إعداد الرسالة وحجم الصفحة وطريقة التجليد وعدد النسخ المطلوبة ومواعيد التقديم وغيرها من الشروط الحاكمة من قِبل الكلية أو الجامعة، وبعد ذلك يتفق مع اللجنة المشرفة على نظام العمل في تجهيز فصول الرسالة وتقديمها للمراجعة وتحديد المواعيد، ويعتقد البعض أنه يجب عليه أن يبدأ بالفصل الأول وينتهي منه ليسلمه إلى لجنة الإشراف لمراجعته وقبوله بصورة نهائية قبل أن يبدأ في الفصل الثاني وهكذا تباعًا في بقية فصول الرسالة، وهذا خطأ جسيم فليس هكذا تسير الأمور في الواقع؛ حيث إن أول خطوة لا بد أن يقررها الباحث بالاتفاق مع هيئة الإشراف هي وضع هيكل عام لفصول الرسالة وأهداف ومحتوى كل فصل، ومن الأخطاء الشائعة في كتابة الرسالة هي:
-
أ- عدم كتابة خطة البحث بصيغة المستقبل باعتبارها مقترحًا لبحثٍ لم يبدأ بعد، وعدم كتابة تقرير الرسالة بصيغة الماضي باعتبار أن جميع إجراءات الرسالة قد تمت بالفعل.
-
ب- من الأخطاء الشائعة في كتابة الرسالة أن يستخدم الباحث ضمائر الذات مثل "أنا" و"نحن"، والصواب أن يستخدم الباحث الأفعال المبنية للمجهول وعندما يكتب عن نفسه يستخدم كلمة "الباحث".
-
ت- يرتكب بعض الباحثين خطأ التمييز النوعي في أسلوب الكتابة، بمعنى أن يَقوم بتجاهل النساء أو الأطفال، وكأن المجتمع كافة عبارة عن ذكور فقط، فمثلًا يتحدث عن الأطباء ولا يَذكر الطبيبات، ومن الواجب عليه أن يبين النوع الاجتماعي حتى في حالة عدم كونه من متغيرات البحث.